Friday, April 22, 2005

مشاهد

مشهد


تبحث في فراشها عن طرف تستريح له وهي تتقلب قبل النوم ..في تلك الساعات الليلة ينتابها شعور كمن يريد أن يقشع جلدته عن وجهه ..فتغمض عيناها بقوة .. تجرح أجفانها التي مزقها الدهر تمزيقاً ..


في تلك الساعات، ساعات الليل الأخيرة يتراءى لها وجهه.. ذلك الوجه المكفهر الذي اختلف عليها تلك الليلة المفاجأة، فجأة وبعد سنتين
من زواجهما طوّل لحيته وغضب إلى الأبد، وقال لها: تبرقعي .. تستري .. لا تخرجي .. لا تلفاز .. لا لا وانهالت اللاءات ..وفي كل ليلة بمناسبة ودون مناسبة يأتيها ليلاَ ليغتصبها وينهشها نهشاً .. وكانت ممارسته للجنس كصلواته الخمس، لا معنى لها.


غضب هو إلى الأبد، وهي حزنت إلى ما بعد الأبد جراء تلك الليلة المفاجأة ..


تتساءل وحيدة.. ما الذي فعلته أنا؟ في بيتها\سجنها كانت تنظر في المرآة لساعات .. تبحث عن سبب يقنعها أن الأمور على ما يرام، وأن هذا امتحان من الرب.. تشغل وقتها بالحياكة، بالرسم، بالمسلسلات المصرية، بأحاديث حماتها المكررة، بكل ما يساعدها على الهروب..


تتذكر أول قبلة معه، شهر العسل، الله! ما أجمل اللحظات السعيدة القصيرة في حياة ملؤها الكآبة والحزن .. كل ذلك كان قبل أن يَغضب، ذاك الزمن القصير الجميل.. ولكنها لا تستطيع أن تتخلى عن صورة وجهه الذي يتراءى إليها الآن،
أمامها تراه عاقد الحاجبين ..الآن تريد أن تمزق وجهه، أن تقطعه تقطيعاً، تريد أن تمحيه من ذاكرتها، من حياتها إلى الأبد..


تذكر جيداً أنها خرت أمام أمها باكية وهي ابنة الأربعين عاما حين علمت من أحدى أخواتها بزاوجه من امرأة أخرى، هكذا بلا مقدمات، طعن كرامتها، مزق كبريائها، تحطمت، سحقها .. سحقها.. سحقها


لم تطق نفسها معه.. استقرت تلك الغصة في قلبها


فتركته مرغمة لتعود إلى بيت أمها كما كانت طفلة، تلك الطفلة الجميلة التي لم تكتشف القسوة بعد، تلك الطفلة المعززة الكريمة التي تتناول الفطور يوميا مع أمها وأبيها.


تصرخ في ذاتها.. متحسرة على كل لحظة وضع يده على جسمها، تمسح ذراعيها بقوة كمن يذر الغبار عن جسده، نادمة.. لاعنة هذه اللحظة التي أطل عليها وجهه من كوة الماضي .تتحسر ألماً في ساعات الليل الأخيرة.


وفي ظلمة غرفتها تتلفت يمينا وشمالاً، لتتأكد أن لا أحد من أبنائها يراها، فلطالما تعودت أن تخفي دموعها عن أبنائها ..


حينها، دست وجهها الدافئ في مخدتها الباردة وبكت وحيدةً كعادتها.. .وبلعت غصتها الأبدية

9 Comments:

At 12:37 AM, Blogger جنة الحواس said...

قصة حزينة لا أتمناها لأي من أحبابي .. لكن صياغتك للأحداث و تصويرك لمشاعرها ..ممتازة ..

 
At 1:17 AM, Blogger ولاّدة سابقاً ... رانيا السعد ...رانية المنيفي حسب الأوراق الرسمية said...

قصتك أعادت إلى ذاكرتي أبيات للقصيبي أود أن أشاركك إياها

غير أن العمر للتائه دربً من دموع
ما الذي يصنعُ في القفر الشريد؟
حينما لا شيء سوى الوحشة
يجتاح الوجود
ما الذي يغري طريداً بالحياة
لم لا يدفن أشلاء أمانيه الحزينة؟
لمَ لا يرحل هن هذه المدينة
وإذا أصبح الفجرُ كئيباً كالمساء
وإذا ما ضاقت الدنيا كما ضاقت قبور العاشقين
أي فرقِ بين أن يحيا شقياً
أو يموت؟


مبتديء
ضيقت خلقي...خاصة إن اليوم جمعة وهو اليوم المفضل لذلك الزائر الثقيل/الحزن يأتي غير مرحب به ليسكنني

سهلّت يا عزيزي عليه المهمة بهذه القصة التي جلبت تلك الابيات

شأسوي الحين؟

 
At 1:40 AM, Blogger AyyA said...

Your story was moving Mobtadi, is happens a lot in this society. it reminded me of some friends who had the same fate; it is indeed sad.

 
At 9:34 AM, Blogger esTeKaNa said...

مبدع انتة في كيفية تصويرك للمشاعر المجروحة وللكرامة المطعونة وولوحشة ذاك الليل وطوله
لا اراك اللة تلك المشاعر لا انتة ولا كل عزيز يقراها
لكن اسمح لي
استوقفتني كلمة
لا معنى للصلوات الخمس
؟؟؟!!
هل تعتقد ذلك؟

 
At 10:59 AM, Blogger Shurouq said...

مبتدئ أقول لك شي.. المشكلة في تناول مثل هالموضوع أن الكتاب يتعاطفون مع الضحية (المرأة) ويصورونها
بصورة البطلة اللي تحملت وصبرت وجزاؤها عند الله، وهذا في الغالب يشجع من تقع تحت وطأة ظروف مماثلة على اتخاذ نفس الموقف السلبي

أدري مو مطلوب منك أو من غيرك ان تكون كتاباتكم موجهة.. بس هذي فكرة طرت على بالي وقلت يمكن أحد يوافقني عليها

آنا ودي أقرا مرة اتهام لمثل هالمرأة اللي رضت أن تغتصب وتظلم وتهان وتمضي الباقي من عمرها تبكي وتتحسر على ما فات

كتابتك وايد حلوة وتعور القلب

 
At 8:12 PM, Blogger مبتدئ said...

هذه معاناة المخلوقات المنسية
مع سبق الإصرار والترصد


أي فرقِ بين أن يحيا شقياً
أو يموت؟

صدق

ولادة، لا داعي للحزن
لا تسوين شيء
take it easy


Ayya

It certainly is. Is it fate though?


Stich'n'match
welcome.
thanks for passing by

منورة
شكراً لمرورك

على سؤالك:
الجواب: نعم


شروق

u nailed it
هذا هو صلب الموضوع
من سمح لها أن تكون كذلك.. للأسف هي
ولكن
ولكن
ولكن

أين تذهب؟
إلى المجتمع الذي يقول أن الرجل شايل عيبه؟
إلى الدين الذي يعتبر شهادتها ناقصة؟
إلى العادات والتقاليد التي تعتبرها شاة؟
إلى أمها الملطخة بشعوذات الماضي؟

إلى ماذا؟

كل شيء ضدها .. حتى نكون موضوعيين
نحن في مجتمع تسيطر عليه الهلوسات الدينية وخزعبلات التقاليد، ولقد قبلت بكلمة أمها وأختها وجدتها والجميع عندما قالوا لها :الزواج نصيب

هذه الحياة كما وجدتها

هل كانت ستخترع طريقة حياة جديدة؟ صدقيني يا شروق صعبة
صعبة للغاية

فلنتلمس جراحها ونطبطب على كتفها لأنها رغم حمقها تستحق ذلك

 
At 8:20 PM, Blogger مبتدئ said...

هذه الجملة لـ
Broken

هذه معاناة المخلوقات المنسية
مع سبق الإصرار والترصد

 
At 9:20 PM, Blogger مبتدئ said...

منورة

للتوضيح: لا معنى لصلاوته الخمس أي أنه لن تشفع له صلاته وهو يغتصب المرأة في الفراش يومياً

اذا كان مؤمناً بحق ما كان سيعاملها هكذا معاملة

والله أعلم
لا أحب التوضيحات


ولكن قصدت صلاوته هو لا الصلاوات بشكل عام

وان قرأتي النص مرة أخرى سيتوضح لك الأمر

تحياتي لك

 
At 12:41 AM, Blogger طائر بلا أجنحة said...

من يحرر المرأة و ينتصر لها يجب أن يكون المرأة نفسها ,
إذا لم تكن المرأة قادرة على الأنتصار على قهرها
فأنها و أن أنتصرت بمساعدة أشخاص أخرين سوف تظل مهزومة من الداخل و تكون عرضة لقهر متجدد

الدين بشكله الحالي هو قهر لنساء
الزواج من أربع
عدم العدالة بتوزيع الأرث
الحجاب
(لماذا لم يفرض الحجاب على الرجل فهناك من يغرى النساء بشعره)
لا أريد أن أسهب زيادة أتمنى أن أوضحت نقطتي

 

<< Home